دراسة / مشروع معمل تدوير النفايات ماله وما عليه
مشروع معمل تدوير النفايات ماله وما عليه..
د. وليد جاسم الزبيدي
لغرض التهيئة لموضوعة معمل تدوير النفايات في محافظة بابل، خصوصا وقد طرق سمعنا من خلال وكالات الأنباء والقنوات الفضائية أن محافظة ذي قار هيّأت المستلزمات لإنجاح هذا المشروع وهناك اتفاق مع شركة بريطانية للمباشرة بهذا المشروع ، ولا تزال محافظتنا في بدايات الإعداد ووضع الدراسات لهذا المشروع الضخم والحيوي.
ولابدّ لكل دائرة ومؤسسة في المحافظة أن تدلوا بدلوها في هذا الموضوع في الجانب العلمي والبحثي والتطبيقي والهندسي والفني والإداري، كل حسب مجاله وعمله.. ولابدّ لدوائر الزراعة أن تقول كلمتها في هذا الموضوع.
إن البيئة – العراقية خصوصاً - في خطر، فهناك الكثير من المواد السامة والخطرة التي استخدمت في الصناعات العسكرية والصناعات السرية في ظل الحروب التي قادها النظام البائد ضد دول الجوار، واستخدامه العديد من الغازات والمواد المحظورة والمشعة وغيرها..كلها تراكمت منذ العقود الماضية وقد أتت أكلها بعد سقوط نظام الطاغية، حيث الأمراض غير المعروفة، والتشوهات الجنينية، والوفيات المفاجئة،واستفحال السرطان، وكذلك التلوث البيئي، في الأراضي الزراعية، ومصادر المياه،وعلامات أخرى لهذا التلوث في أنحاء مختلفة من العالم ، ونلحظ ظاهرة الإحتباس الحراري التي يتحدث عنها علماء الفلك والجغرافيا والأنواء، التي ستكون الخطر الأكبر في ارتفاع درجات الحرارة وقلة الأمطار والثلوج، وهذا بدوره سيؤثر في دورة الحياة بمجملها على كل الكائنات الحية على سطح الكرة الأرضية.
وفي العراق- أيضاً - أن سوء توليد الطاقة الكهربائية، وعدم استخدام مواد طبيعية وذات توليد طبيعي كالمستخدمة في بعض الدول،مثل استخدام الفحم،الذي لا يضر بالبيئة كما يضر الوقود التقليدي( النفط ومشتقاته)، وكذلك،في أمريكا اللاتينية يُستخدم زيت النخيل في تشغيل ماكينات الديزل بدلاً من البنزين، ونلاحظ أن بلدنا العراق هو بلد النخيل منذ أقدم العصور ولم يفكر أحد باستخدام هذه المادة في توليد الطاقة مع توافرها وعدم وجود أثر بيئي في استخدامها، أما الهند فتستخدم جوز الهند في الشاحنات والمركبات والحافلات، أما زيت زهرة الشمس، فتستخدمه دول جنوب القارة الأفريقية، لتشغيل المحركات والحافلات بدلاً من البنزين، فمادته متوافرة وكذلك لا يشكل خطراً بيئياً على الحياة. كما يستخدم قصب السكر والأخشاب في المناطق الإستوائية أفضل مصدر في توليد الطاقة.
ومما تقدم يظهر ويتضح لنا أن بلدنا ظل يستخدم مشتقات النفط ومعتمدا على النفط فقط لتوفره وسهولة استخدامه، ولكون الآبار النفطية لا تكلف مبالغاً طائلة، ولم ينظر العراقيون لإستخدام مادة أخرى عوضا عن النفط ، لتقليل الأثر البيئي ، أو تحسبا بأن النفط سينفد في يوم من الأيام، كما وأن استخدام النفط ومشتقاته له من التأثير مما لا يحمد عقباه ونرى اليوم نتائجه.
بعد أن وضحنا استخدامات النفط ومشتقاته وماله من أثر بيئي سيء ، فإن هناك عاملاً آخر لا يقل خطورةً ، هو حرق النفايات، حيث أن موضوعة النفايات في العراق متخلفة جدا إذا ماقيست بدول الجوار على الأقل، فإن وسائل الطمر الصحي غير مستخدمة بصورة صحيحة، كما أن العجلات التي تنقل النفايات بائسة جدا وغير مؤهلة لهذه العملية والمتتبع لنقل النفايات يرى أن الناقلات من سيارات أو ساحبات ترمي في طريق نقلها من مكان جمع النفايات الى أماكن الطمر كميات كبيرة نتيجة لهبوب الرياح أو لحمل كميات كبيرة لا تتناسب مع حجم المركبة.
ثم أن النفايات في معظم الأحيان، وفي معظم الأماكن، لا تجمع أو تطمر في نفس المواقع التي تم تحديدها، حيث ترمى في أقرب منطقة وبصورة عشوائية غير منتظمة وغير منضبطة. والمسألة الخطرة، بعد رمي النفايات في تلك المواقع القيام بحرق هذه النفايات، التي تحتوي على مخلفات منزلية، ومخلفات المحلات، ومخلفات الباعة على الأرصفة، ومخلفات المستشفيات والمراكز الصحية، ومخلفات بعض الصناعات الحرفية ، وهذا الحرق، يطرح مواد ذات تأثير كيميائي وبيولوجي، وتنبعث غازات ذات تأثير خطر على الكائنات الحية بكل تفاصيلها.
كما أن العديد من دول العالم تستفيد من النظريات العلمية البسيطة والمعقدة في سبيل حل مشاكلها وأزماتها، فعملية التركيب الضوئي المعروفة والتي عرفها العالم ودرسها الجميع منذ بدايات القرن التاسع عشر، والتي مفادها، أن النباتات الخضراء،تقوم بتحويل الطاقة الشمسية الى طاقة كيميائية، وتختزن في مركبات عضوية يصنعها النبات، وهكذا توجهت دول العالم، الى زيادة المساحات الخضراء، وزيادة مساحات الغابات للتقليل من أثر الإنعاكاسات السلبية على الأرض والإنسان وجميع الكائنات.
ولابدّ لنا أن نعرّج على نفايات القطاع الزراعي وأثرها وتأثيرها:
1- فضلات حقول الدواجن: وهي مخلفات حقول دجاج اللحم وتعتبر محافظة بابل قبل العام 2003م وفي سنوات تشغيل برنامج النفط مقابل الغذاء( السيئ الصيت) كانت محافظة بابل هي المحافظة الثانية بعد الموصل في إنتاج لحم الدجاج. وكانت مخلفات الدواجن يبيعها مربو الدواجن الى الفلاحين سماد حيواني ممتاز لما فيه من مواد عضوية تنفع الأرض وتقوي التربة، وخصوصا في زراعة الخضر.
2- مخلفات الحيوانات: حيث يعتبر الجانب الحيواني هو الجانب الثاني والتكميلي للجانب النباتي لدى معظم فلاحي المحافظة، فمخلفات الحيوانات تستخدم أيضا سمادا نتروجينيا مهما للتربة ولمعظم المحاصيل.
3- مخلفات المحاصيل الزراعية: وهي(كوالح الذرة الصفراء) والنوى في التمور، ومخلفات الحنطة والشعير(القش)، فهي لم تكن أيضا من المخلفات التي ترمى، أو عديمة الفائدة، بل يجمعها الفلاح بعد كل عملية جني أوحصاد لتكون مادة علفية لحيواناته.
وهكذا نرى في القطاع الزراعي قضية المخلفات، لا يمكن تسمياتها مخلفات بقدر ماتشبه دورة المياه في الطبيعة فهي تدخل في الإنتاج وتخرج مع الناتج الزراعي لتستهلك في طريق آخر أو عبر وسائل مختلفة يتقنها الفلاح ولا يجعلها تبور أو تعطب.
وضمن القطاع الزراعي وما يحمله من مؤهلات ، وما يسعى له لتحقيق التكامل بين الريف والمدينة، فقد خصصت مديرية زراعة بابل عبر كل شعبها المساحات الكبيرة للعديد من المشاريع الصناعية والتجارية والزراعية ولمختلف النشاطات، واليوم يمكن أن تسهم مديرية زراعة بابل وهي جادّةٌ في هذا المضمار ووفق متطلبات احتياجات محافظة بابل لهذا المشروع المهم والحيوي والذي سيعود بالربح والفائدة فضلا عن تشغيل أعداد كبيرة من الأيدي العاملة، وكذلك تشغيل حلقات تكميلية لهذا المشروع، مما يجعل محافظتنا تدب فيها حياة التنسيق والتكامل بين القطاع الزراعي وما يرتبط به من جهات ومؤسسات من جهة وبين الدوائر والمؤسسات الأخرى المختلفة المنتفعة من هذا المشروع.
0 تعليقات:
إرسال تعليق
الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]
<< الصفحة الرئيسية