الاستثمار في العراق وفقدان السياسات الاقتصادية
دراسة / المحفظات الاستثمارية في العراق
وفقدان السياسات الاقتصادية
وأرضية الاستثمار الضائعة
رياض إبراهيم الدليمي
Reyad_abed2000@yahoo .com
في خضم التحول الاقتصادي المزمع وفق التجربة السياسية العراقية الحديثة والذي ينوي العراق من خلالها الدخول في اقتصاد السوق وحسب ماهو متوقع أن يتيح للقطاعات الحكومية والخاصة فتح أبواب الاستثمار أمام الشركات الأجنبية في مختلف النشاطات الاقتصادية ومن أهم تلك القطاعات قطاعي النفط والغاز والصناعات المرافقة لها بالإضافة لذلك الاستثمار في قطاعات الصناعة والزراعة والاتصالات والسكن والخدمات البلدية والصحية والتربوية والري الخ.... , ولكن ثمة أمر في غاية الأهمية لابد أن نذكره قبل الولوج في ما نحن ماضين فيه ألا وهو أن القوانين القديمة النافذة منها أو الملغية قد وقفت حجر عثرة أمام الاستثمار مقيدة حركة المستثمر المحلي أو الأجنبي, ورغم معالجة قضية الاستثمار في بعض القطاعات ومنها الحيوية لكن يبقى غياب قانون الاستثمار في قطاعي النفط والغاز مشكلة وطنية تحد من تطور هذين القطاعين الأساسيين اللذان يشكلان 95% من واردات العراق ,ورغم طرح الحكومة جولتين من التراخيص للاستثمار في حقول النفط والغاز ورغم تحفظنا على هذه الجولات بالإضافة إلى الجولة الثالثة للاستثمار في حقول الغاز,ألا أن كل هذه الاستثمارات في حقول النفط والغاز كعقود خدمة أو تطوير سوف لن تسهم على المدى القصير في تطوير الصناعة النفطية بكل أشكالها وسوف تبق تعاني من مشاكل عديدة ولا يسمح هنا المكان من ذكرها الآن , ولكن بقدر طموحات العراق في ظل الاستثمار تبرز مشكلة السياسة الاستثمارية التي تكمن في المجالات المطروحة للاستثمار , أو الخطط التنموية الغائبة التي ينبغي للاستثمار أن يعييها والتي يجب أن تضعها الحكومة باعتبارها الراعي السياسي والاقتصادي للعراق , أو في تعبير آخر يمكن لنا صياغة سؤال جوهري لابد من طرحه: هل للدولة خططا تنموية للاستثمار , وفي أية مجالات وقطاعات ووفق أية إحصائيات تعتمد في سياستها هذه ولأي مدى؟ , وهل تكتفي بما تقدمه الشركات من عروض للاستثمار بالقطاعات التي تريدها هي ؟
أن المتابع للمحفظات الاستثمارية التي تطرحها الهيئات الوطنية للاستثمار والوزارات والدوائر والقطاع الخاص في بعض القطاعات نابعة من المتيسر للنشاط المطروح للاستثمار , أو البحث للمستثمر عن الفرصة التي يريدها هو , أو قد تلبي حاجة الوزارة أو المحافظة بشكل محدود ,أو قد تلبي حاجة المستثمر فقط ........
أن تحديد أولويات العراق من الاحتياجات الآنية أو المستقبلية سواء أكانت خدمات أو استثمارات في مجال الصناعة والزراعة والسكن والنفط والغاز والمصارف وغيرها لابد إن يخضع إلى مؤشرات التنمية بكافة أشكالها من خلال الدراسات والخطط التي تضعها المراكز المتخصصة آو القطاع العام ( وزارة التخطيط وما شابه ) أو الخاص أو المشترك أو ما تقدمه مراكز البحوث العربية أو الدولية التي لديها الخبرة والمعرفة بشؤون الوضع الاقتصادي والسياسي وال معلوماتي والاجتماعي عن العراق .
من المؤسف القول انه ليس هناك دراسات حديثة عن الواقع الخدمي في العراق أو عن حاجة العراق الفعلية من الصناعات أو دراسة الواقع الزراعي أو الموارد المائية وكذلك غياب التعداد السكاني والبيانات الرقمية للقطاعات الإنتاجية بكل أنواعها , و عدم معرفة الحجم الحقيقي لما تدخره ارض العراق ومكامنها من معادن ونفط وغاز ومياه وكذلك لا يوجد تعداد حقيقي للوحدات السكنية الموجودة حاليا أو للوحدات السكنية التي يحتاجها المواطنين وكذلك عدم توفر بيانات حقيقية عن الواقع الإنتاجي الزراعي والحيواني والمشاكل المتعلقة بهذين القطاعين الحيويين ,ولهذا تبقى كل اشتغالات المؤسسات في العراق تجري على ضوء التخمينات , وكل مؤسسة تعمل لوحدها بمعزل عن الأخرى من خلال ما تطرحه من محفظات الاستثمار, وقد تتشابه في أحيان كثيرة أو قد تتقاطع في أحايين أخرى ,أو قد تكون معرقلة للمؤسسة الأخرى. والأمر اللافت للانتباه قد يكون في كثير من الأحيان ماتطرحه المؤسسات من استثمارات لاحتاجها البلد ونسوق بعض الأمثلة على ذلك :
لقد أحالت وزارة النفط في جولاتها الثلاث لاستثمار في حقول النفط والغاز على عدد من الشركات العالمية بمعدل فوائد تقدر من 1.4-2,3دولار تقريبا ومن المتوقع أن تساهم هذه الشركات من رفع الإنتاج النفطي في العراق إلى 7ملاين برميل سنويا خلال الخمسة سنوات القادمة والسؤال أو المفارقة التي نسوقها بهذا الصدد كيف يستطيع العراق من تسويق ونقل وتخزين وتصدير هذه الكميات الهائلة من النفط المزمع إنتاجه من حقوله النفطية وخاصة لايوجد سوى منفذين وحيدين للتصدير بالوقت الحاضر بواسطة الأنابيب الناقلة وخاصة وكما متعارف عليه أن طاقة هذين الخطين محدودة لاتستطيع من تصدير ربع الكمية المزمع إنتاجها من حقول العراق ,وهذا يعني أن على العراق التزامات لصالح الشركات المتعاقدة معه من دفع فوائد عن النفط المنتج سواء صدر العراق هذا المنتج أم لم يصدره وخاصة أن العراق سيضطر إلى اللجوء إلى خزن هذا المنتج الكبير وهذا يكيد ه الكثير من الأموال والذي هو بأمس الحاجة إليها , أو لأاعتقد أن السوق قادر على استيعاب الإنتاج النفطي والغازي العراقي الجديدين اللذان سيسهمان في تدني الأسعار العالمية للنفط , ناهيك عن المشاكل التي قد تنجم مع الشركات من خلال عدم قدرة العراق على تسديد هذه الفوائد للشركات المستثمرة من جهة وعدم تصويت البرلمان على هذه العقود من جهة أخرى, فقد تضطر الحكومة الجديدة على فك الارتباط و عدم الالتزام على ما تعاقدت عليه الحكومة السابقة مع هذه الشركات , مما ستلجأ ( الشركات المستثمرة ) إلى المحاكم الدولية لمقاضاة العراق وهذا يدخل البلد في دوامة العقوبات والتعويضات للغير, وهذا بطبيعة الحال يجعل الاقتصاد العراقي مشلولا وغير قادر على المساهمة في نهضة البلد وإنمائه .
لقد طرحت هيئة الاستثمار الوطنية مشروع لبناء مليون وحدة سكنية عام 2010 عن طريق الاستثمار ووزعت على المحافظات حصتها من هذه الوحدات , وقد بلغت حصة المحافظة حوالي 20 ألف وحدة سكنية كحد أدنى تقريبا , ولكن من المؤسف أن اغلب المحافظات ليس لها القدرة على توفير الأراضي اللازمة لإنشاء هذه المجمعات السكنية ولأسباب عديدة منها عدم تخصيص الأموال اللازمة لاستملاك الأراضي من جهة, ومن جهة أخرى عدم توفر الأراضي بالأصل وخاصة أن اغلب المدن لم يتم تحديث التصاميم الأساسية لها , بالإضافة لما تقدم عدم وجود رؤية واضحة عن أجندة المستثمرين في تملك أو إيجار الأراضي التي يرغبون استثماراها ومدى الأفضلية عندهم للأراضي الخاصة أم الأراضي التي تعود ملكيتها للدولة , ومن هو الشريك أو الممول للفرد العراقي لشراء هذه الوحدات السكنية بعد تشييدها, هل نترك المواطن يشتري هذه الوحدات من ماله الخاص أم من خلال القروض التي تمنحها له البنوك الحكومية أو الاستثمارية أو الوزارات في حالة بيعها إلى موظفي هذه الوزارات ؟
أن غياب البني التحتية في كافة القطاعات المطروحة للاستثمار من ارض وبناء وماء وكهرباء واتصالات وطرق وجسور وبيئة نظيفة وموارد بشرية ومصارف استثمارية وامن محدود كل ذلك يقف عقبة إمام الاستثمار ولا يشكل أرضية خصبة له عل عكس الدول الأخرى , فإذا ما أردنا الاستثمار في قطاعات السكن علينا تحديث التصاميم الأساسية والقطاعية للمدن وتوفير الأراضي وإيصال البني التحتية الأساسية لها كمغريات نقدمها للمستثمر ودخول القطاعين الحكومي والخاص كشركاء ضامنين له , وكذلك العمل عل وضع خطة إستراتيجية للقضاء على الإرهاب وتدريب الأيادي العاملة وتوفيرها وإحصائها من مهرة وغير مهرة أو ذوي الكفاءات عن طريق تأسيس شركات ومكاتب لتشغيل وتدريب الأيدي العاملة من كافة الدرجات والأصناف , وتشجيع أصحاب الملكيات الخاصة بطرح أراضيهم للاستثمار المشترك أو البيع أو الإيجار للمستثمر.
وكذلك لابد أن نذكر إذا مااردنا الاستثمار في القطاع الصناعي والإنتاجي لابد من مساعدة المستثمر على طرح المصانع والمعامل والمشاءات الحكومية أو الخاصة المتوقفة عن العمل أو الخاسرة للاستثمار بدلا من بناء منشاءات جديدة مكلفة عل المستثمر وإيجاد حوافز استثمار لكي نشغل منشاءتنا بواسطة المستثمرين وتوفير كافة البيانات التي يحتاجها وخصوصا الحاجة المحلية للمنتج الصناعي الذي سيطرحه المصنع بعد إنتاجه من قبل المستثمر والمنتوج المنافس له أو السيطرة على حركة الاستيراد من خلال فرض ضرائب ورسوم للسلع الداخلة لنفس السلع المنتجة محليا وهكذا.
وهناك رغبة لكل المحافظات بدعوتهم للمستثمرين للاستثمار بالقطاع السياحي ولكن للأسف لم تشرع هذه المحافظات بتوفير البني التحتية للمناطق المراد الاستثمار فيها وخصوصا الخدمات البسيطة مثل الطرق والماء والكهرباء فكيف يصبح لدى المستثمر الرغبة والحافز بالاستثمار في أراضي جرداء أو منشاءات سياحية عبارة عن خربة مثل جزيرة ساوه أو الرزازة أو الصدور وغيرها
0 تعليقات:
إرسال تعليق
الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]
<< الصفحة الرئيسية